أعمدة

اعتراض لبنان وعودة اليهود السَودانيون إلى الخرطوم

يقلم/محمدعكاشة

بين يدي تأسيس جامعة الدول العربية لاقي السودان اعتراضاً صادماً لقبول عضويته بها من بعض الدول العربية في الخفاء غير أن دولة لبنان كانت أكثرهم صراحة وإفصاحاً وإحتجاجاً وتشكيكا في عروبة السودانيين وهوقول صحيح فالسودان يعتد بهويته فهو نسيج وحده(عروبية تنوبت وافريقانية تعربت) وعلي الرغم من ذلك كانت الخرطوم عاصمة (اللاءات الثلاث) وكان الجنود السودانيون (الهجانة) هم الحصان الرابح في الحرب مع إسرائيل.
إعتراض لبنان حينذاك كان في وقت شهد جدالاً بين المثقفين السودانيين حول الهوية دون حزازات الشعور بالدونية بافريقيتنا بل واشتهرت عبارة نايريري :-
( السودان رضي بأن يكون في أسفل قائمة العرب في حين كانت فرصته بأن يكون قائداً للأفارقه) وعلي الرغم من إعتراض اللبنانيين علي ضم السودان للجامعة العربيه إلا أن بعض مثقفيهم مطلع التسعينات والذي قاد فيه نظام (الإنقاذ) المهووس حرباً عبثية مجانية ضد أهل الجنوب وسربلها بمسوح ديني مقدس باعتبارها (جهاداً) في سبيل الله وحفاظاً علي عروبة السودان.
قام وقتذاك الكاتب اللبناني (بقرادوني) العروبي ..وتأمل سيدي القارئ (العربي) اسمه بين الأقواس أو ابحثه إن شئت في مختار الصحاح.
بقرادوني وآخرين طفقوا يدبجون المقالات البواكي الطوال ويضربون الدفوف كالنائحات المستأجره يستحثون ذات الجامعة العربية للقيام بدورها تجاه السودان العربي حتي لايتكففه ( الزنج) ويقضون علي شوكة عروبته.
أمثال بقرادوني يمترون الحق ويدعون (وصاية) استعلاء بغيضاً ولقد تصدي لهم الكثيرون من المفكرين السودانيين غير أن السودان بلد لامثيل له في هويته وتنوع إثنياته وتعدد أديانه وتساكنه وتعايشه المثمربين بين كل طوائفه وجالياته وفي هذا الصدد فإن الطائفه اليهوديه السودانية كانت نسقاً منسجم ضمن النسيج الاجتماعي المتفاعل مذو فدوا الي السودان خواتيم القرن التاسع عشر وانتشروا في مدن السودان المختلفة وهم اليهود ( السفارديم) المنحدرين من سلالات كانت تعيش في اسبانيا ومذاك انخرطوا في المجتمع واشتهروا بالتجارة والأشغال الصناعية ولقداستعان الخليفة عبدالله التعايشي خليفة المهدية ببعض الشخصيات اليهودية مثل الحاخام (بن كوستي) رئيس الرابطة اليهودية بالسودان لتعزيز التعاون التجاري بين مصر والسودان ومن جهة أخري أسلم بعض اليهود طواعية أو إكراهاً من خليفة الإمام المهدي واستمر تعايش اليهود في مدن السودان حتي جاءت كارثة (التأميم) إبان حكم الرئيس جعفرنميري الذي قام بمصادرة شركاتهم مثل (جرتلي هانكي) ومصادرة ممتلكاتهم ليقوموا بمغادرة السودان لواذاً.
الحديث عن يهود السودان يقفز الي السطح عند أول تصريح لمسئول سوداني في حكومة التحول المدني التي تجعل (المواطنة) أساساً معيارياً للحقوق الواجبات ولقد جاء تصريح السيدنصرالدين مفرح وزير (الشئوون الدينية) في معرض حديثه لإحدي الفضائيات يدعو فيه السودانيون علي إختلاف طوائفهم للعودة للبلاد بما فيهم المواطنون اليهودللمساهمة في التنمية والبناء.
جاء تصريح الوزير (مفرح) صاعقا ليثور ذات الذين اعترضوا علي عضوية السودان بالجامعة العربية تشككاً مرتاباً في نقاء (عروبة) السودانيين مع أن ذات الكتاب تتصل علاقات دولهم مع دولة (العدوالصهيوني ) وسفارات مرعية بها ولايفتح الله علي (صماتهم) بكلمة واحدة ثم هم يحتجون علي مجرد التصريح والتلويح من مسئول سوداني بشأن مواقفه وتوجهاته لحكم بلاده.
السودان في ظل التحول الجديد وبحسب تصريحات وزير خارجيته السيده أسماء عبدالله سوف يصوب نحو إقامة علاقات (مفتوحة) مع العالم كله بلا تحفظات تقوم علي رعاية مصالحه وعلي دعم (معنوي) من الاشقاءالعرب و(مادي) لورغبوا بغير شروط مسبقه وهي بحسب قولها الناضج تتطلع إلي أن يحتل السودان مكانته الطبيعية والطليعيه بعدسنوات حكم كان يخبط عشواء بشأن العلاقات الخارجية إنحيازا بغيرهدي وإحتطاباً بليل مماساهم بعزلة السودان وعزلة أهله.
حديث وزيرة الخارجية الي قناة (الجزيرة) بأن علاقات السودان مع دولة إسرائيل سابق لأوانه في الوقت الراهن لايناقض تصريح مولانا نصرالدين مفرح إلي (العربية) ودعوته المواطنين السودانيين اليهود بالعودة الي وطنهم (الأول) السودان.
السيد وزير الشئوون الدينيه بعد ظهوره وحديثه الذي اتسم بالجرأة والشجاعه ينتظره شأن داخلي مهم بمراجعة ومحاسبة المفسدين في إدارة الحج والعمرة لإسترداد حق المعتمرين حجاج بيت الله والغاء كافة الهيئات والشركات التي تقوم وسيطاً بلاعمل سوي التكسب الحرام وأكل أموال الناس بالباطل في أعظم الشعائر الدينية والروحية وكذا مراجعة وإلغاء الداووين والصناديق المتكاثرة العاطلة التابعه لوزارته.
_________________

صحيفة الوطن_ الثلاثاء10سبتمبر2019

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى